من هي جافيا؟
إسمي جافيا، ويعني هذا الاسم باللغة الكردية "منبع الإرادة"، ومع أنني لست أدري تماما ما كان يتوقعه مني والداي عند التسمية، إلا أنني أعتقد أنهم لم يختاروا الاسم عشوائيا..!
ولدت في "كوباني"، شمال سوريا، وعندما بلغت من العمر تسعة أشهر، جاءني زائر غريب، زائر احتل جسدي ولم يفارقني منذ ذلك الوقت.. يُعرف ذلك الزائر المقيم بــ "شلل الاطفال"، وهو مرض كان شائعا في سوريا في ذاك الحين.
كان لهذا الزائر التأثير القوي على تشكيل شخصيتي، وبطريقة أو بأخرى أصبح هذا الزائر الغريب صديقا لي..!
وفي الفترة ما بين السنة الثالثة وحتى السنة الثالثة عشرة من عمري، كنت أقضي معظم وقتي أتلقى العلاج في مستشفى في العاصمة الإسبانية مدريد، لذلك نشأت على تكلم اللغة الاسبانية في بيئة كاثوليكية وتعرفت على اطفال آخرين من مختلف انحاء العالم ممن كانوا يأتون هناك للعلاج.
في سن الرابعة عشرة، عدت إلى حلب في سوريا لإعادة علاقتي ولم الشمل مع العائلة هناك، حيث بدآت رحلتي مع الدراسة التي كانت في معظمها دراسة خصوصية في البيت، فالتعليم لم يكن دامجا في سوريا حينها.وهناك أيضا كان يتعين علي تعلم اللغة الكردية باعتبارها اللغة الام، وكذلك اللغة العربية باعتبارها لغة الدراسة والتدريس. وفي سن العشرين، التحقت بالجامعة للدراسة في مجال الحقوق، حيث أدركت حينئذ حجم العقبات التي يواجهها الأشخاص ذوي الاعاقة في طريق إمكانيات وصولهم للتعليم. ومن هنا بدأ عملي كناشطة في مجال الحقوق، حيث كان عملي في البداية بغرض تحقيق ظروف أفضل للطلبة في الجامعة، وبعدها امتد عملي ليطال مختلف أوجه حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة في سوريا.
في عام 2004، قمت بتأسيس المنتدى الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة والذي تم الاعتراف به وتسجيله كمنظمة غير حكومية عام 2006، وكان سبب التأخر في ذلك الاجراء هو ان الملتقى يخاطب قضايا في الثقافة والاعاقة والحقوق معا، الامر الذي شكل منهجية جديدة في سوريا، اما باقي الهيئات في سوريا في ذلك الوقت فقد كانت تنظم كجمعيات خيرية، وعلى مدار السنوات، فقد تمكن هذا المنتدى من تنظيم نشاطات عديدة لم تقتصر فقط على موائمة المرافق العامة في الجامعات او على جمع البيانات حول أعداد الطلبة ذوي الاعاقة او احتياجاتهم، بل أيضا تمكن هذا المنتدى بنشاطاته من إحداث التغيير في التشريع ورسم السياسة.
في بداية الحرب في سوريا، كنت مصرة على البقاء في حلب، ولكن في عام 2012، ساء الوضع واصبح اكثر خطرا لدرجة انني لم اعد اعرض حياتي فقط للخطر بل ايضا كنت اعرض حياة اقاربي الذين بقوا معي لذلك الخطر. في ذلك العام جئت إلى السويد فرارا من الحرب كما فعل الكثير من السوريين ايضا، وهنا في السويد حصلت على درجة الماجستير في القانون الدولي لحقوق الانسان في جامعة لوند، مع معهد راؤول فالنبرغ.
تجدر الإشارة إلى أن ممارسة العمل كناشطة في مجال حقوق الانسان هنا في السويد تختلف بعض الاختلاف عن ممارسة هذا النشاط في سوريا، ولكن تبقى القضايا هنا غير مختلفة من الناحية الجوهرية عن تلك التي عايشتها في سوريا، فمن أجل احراز أي تقدم في هذا المجال، فإن من الضروري جدا احداث التغيير وادخال الاصلاح إلى تركيبة وقيم مجتمعاتنا، ومن أجل تحقيق ذلك فإني أرى أنه يستوجب علينا كبشر العمل على مشاركة الخبرات والاستفادة من فكر بعضنا البعض
حاليا، وإلى جانب عملي لدى المنظمات التي قمت بتأسيسها، فإنني أعمل أيضا كعضو في "اللجنة الدستورية السورية" التي ألفها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، وفي هذه اللجنة يتمحور دوري حول الدفاع عن حقوق الانسان في مستقبل سوريا.
وفي عام 2020 ، بدأت العمل مع المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي كمستشارة دولية ومساعدة بحثية ، مساعدةً على وضع سياسات وبرمجة أكثر شمولا وسهولة.
وإلى جانب عملي كحقوقية وكناشطة في مجال حقوق الانسان، فأنا شخصية تحاول أن تحيا حياتها بسعادة، في كل يوم، وفي كل لحظة من عمرها..! فمن يدري ما يخبئ لنا المستقبل..؟!
أحب الحياة وأعشق السفر، وأهوى التعرف على اماكن جديدة، كما أنني في أشد اللهفة كي أرى هذا العالم عالماً متيسراً ومُتاحاً كي يحيى الجميع..!
مرحباً بكم في عالمي!
#جافياعلي